کد مطلب:323834 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:331

و نتساءل هنا الی أی حد تحققت الصورة الأسریة البهائیة
للاجابة عن هذا السؤال فاننا یجب أن نلاحظ مظاهر الهدم الأسری فی الشرق و الغرب علی السواء؛ حیث تتستر الدعایة البهائیة تحت مسمیات التقدمیة و العلمانیة و تحریر المرأة.

و هنا نذكر قول المرحوم محمد طلعت حرب یاشا فی كتابه «المرأة و الحجاب»: «ان رفع الحجاب و الاختلاط، كلاهما أمنیة تتمناها اوربا من
قدیم الزمان لغایة فی النفس یدركها كل من وقف علی مقاصد أوربا بالعالم الاسلامی».

و لما كانت البهائیة تعمل لتحقیق المخططات الصهیونیة؛ فانها مع الروافد الأخری هی التی أوعزت للاستعمار الاوربی بهذه البواعث.

یقول طلعت حرب فی نفس الكتاب أیضا: «انه لم یبق حائل یحول دون هدم المجتمع الاسلامی - فی المشرق.. و لا فی مصر وحدها - الا أن یطرأ علی المرأة المسلمة التحویل.. بل الفساد الذی عم الرجال فی المشرق».

لذلك لم یكن عجبا أن تكون الحركة النسائیة فی مصر - و هی تهدف فی جوهرها الی «تغییر النظام الاجتماعی للأسرة المسلمة - وثیقة الصلة بالاستعمار البریطانی «الذی احتضن البهائیة»، و ان یبدأ ظهورها، بعد سنوات قلیلة من احتلال الانجلیز للبلاد.. و استقرارهم فیها» [1] .

و یذكر الاستاذ حسین محمد یوسف [2] أن النواة لهذه الحركة بدأت عندما عادت «نازلی فاضل» الی مصر بعد الاحتلال، و وثقت روابط ودها مع اللورد كرومر و فتحت نادیها لطائفة من الخشصیات المشهورة كالشیخ محمد عبده، و سعد زغلول، و اللقانی، و محمد بیرم، و قاسم أمین، و كانت تؤید هؤلاء فی قصر الدوبارة ضد قصر عابدین، و تسعی لترقیتهم، و هم یعتمدون علیها فی كل أمر [3] .

هكذا كان تكوین هذا الصالون بمثابة ایجاد المركز الضروری لتعبئه أذناب الاحتلال و تنظیم جهودهم ضد الآداب و التقالید الاسلامیة.
و فی سنة 1894 ظهر أول كتاب فی مصر، یتضمن أول حملة علی النظام الاسلامی و یدعو الی التحریر منه. هذا الكتاب هو «المرأة فی الشرق» لمؤلفه مرقص فهمی المحامی، و قد دعا فیه لأول مرة فی تاریخ البلاد الی ما یأتی:

أولا: القضاء علی الحجاب الاسلامی.

ثانیا: اباحة الاختلاط للمرأة المسلمة بالأجانب عنها.

ثالثا: تقیید الطلاق و وجوب وقوعه أمام القاضی.

رابعا: منع الزواج بأكثر من واحدة.

خامسا: اباحة الزواج بین المسلمات و الاقباط [4] .

و لم یمض خمس سنوات حتی كان قاسم أمین یردد من هذه الآراء الأربعة الاول، فی كتابه الأول «تحریر المرأة» الذی وضعه بایعاز من الأمیرة نازلی فاضل، و بتشجیع من المغفور له الشیخ محمد عبده.

و قصة تألیف هذا الكتاب یذكرها الأستاذ داود بركات فی مقاله عن الحركة النسائیة فی عدد خاص من الأهرام حیث یقول: «الف الكونت داركور كتابا حمل فیه علی نساء مصر، فتصدی له قاسم أمین، ورد علیه مبینا فضائل المرأة المصریة، و استنكر خطة بعض السیدات المصریات اللاتی یتشبهن بالاوربیات فاقتنص الخصوم الفرصة. فلما كانت ذات لیلة قال لها أحدهم: ان قاسم الذی یؤیده اخواته یعنیها هی وحدها بذم المصریات اللاتی یقلدن الافرنجیات، و یسرن سیرتهن، لأنها المصریة الوحیدة التی تقابل الرجال و تجالسهم فی نادیها، فغضبت نازلی فاضل غضبا شدیدا، كان من نتیجته ان یوجه قاسم أمین لاصلاح خطئه بكتاب ینشره، حتی لا یفقدوا تعضید هذه السیدة و هكذا أخرج مؤلفه «تحریر المرأة» عام 1899 [5] .
كان من الطبیعی ان یكون لذلك الكتاب دویه الشدید فی الأوساط الاسلامیة و الوطنیة، لأنه كان بمثابة تحد صریح للرأی الاسلامی العام، و هجوم سافر ضد الاسلام فی الصمیم.

لذلك لم یكن عجبا.. أن یقف الحزب الوطنی - أو بمعنی أصح یقف مصطفی كامل - من هذه الحركة موقف المقاومة و العناد، لأنه یعلم علم الیقین ان وراءها الأصابع البریطانیة، و ان مقرها الأول هو ذلك النادی الذی یجمع أذناب الاستعمار فضلا عما تخفیه هذه الحركة من أهداف بعیدة ترمی الی القضاء علی مقومات الأمة، و الابتعاد بها عن الاسلام، الذی هو أكبر دافع لها للكفاح فی سبیل حریتها و استقلالها و بذل كل مرتخص و غال لاسترداد حقوقها، و تحریر بلادها.

و هكذا سارع الزعیم الشاب الی مقاومة هذه الحركة، و تحذیر الأمة منها فأشار الیها فی أول اجتماع عام عقده عقب صدور ذلك الكتاب، فی 5 شعبان سنة 1317 - 18 سبتمبر سنة 1899 حیث قال: «انی لست ممن یرون أن تربیة البنات یجب أن تكون علی المبادی ء الاوربیة فان فی ذلك خطرا كبیرا علی مستقبل الأمة فنحن مصریون و یجب أن نبقی كذلك و لكل أمة مدنیة خاصة بها، فلا یلیق بنا أن تكون قردة مقلدین للأجانب تقلیدا أعمی. بل یجب أن نحافظ علی الحسن من أخلاقنا، و لا نأخذ عن الغرب الا فضائله. فالحجاب فی الشرق عصمة و أی عصمة فحافظوا علیه فی نسائكم و بناتكم. علموهن التعلیم الصحیح. و ان أساس التربیة التی بدونه تكون ضعیفة ركیكة غیر نافعة.. هو تعلیم الدین».

و قد بلغ بمصطفی كامل الاهتمام بمقاومة هذه الحركة المسمومة الی الحد الذی جعله یفتح صدر صحیفة اللواء منذ أول ظهورها سنة 1900 لكل طاعن علی قاسم أمین و أفكاره [6] .

[1] حسين محمد يوسف: صلة الحركات النسائية بالاستعمار، ص 186.

[2] المصدر نفسه، ص 186.

[3] داود بركات في عدد الاهرام الخاص بمرور 75 عاما علي تأسيسه.

[4] المرأة و الحجاب للمرحوم محمد طلعت حرب باشا.

[5] المرجع نفسه، ص 188.

[6] المرأة و الحجاب للمرحوم محمد طلعت حرب باشا، ص 188.